لِعَينَيكِ ما يَلقى الفُؤادُ وَما لَقي – وَلِلحُبِّ مالَم يَبقَ مِنّي وَما بَقي |
وَما كُنتُ مِمَّن يَدخُلُ العِشقُ قَلبَهُ – وَلَكِنَّ مَن يُبصِر جُفونَكِ يَعشَقِ |
وَبَينَ الرِضا وَالسُخطِ وَالقُربِ وَالنَوى – مَجالٌ لِدَمعِ المُقلَةِ المُتَرَقرِقِ |
وَأَحلى الهَوى ما شَكَّ في الوَصلِ رَبُّهُ – وَفي الهَجرِ فَهوَ الدَهرَ يُرجو وَيُتَّقي |
وَغَضبى مِنَ الإِدلالِ سَكرى مِنَ الصِبا – شَفَعتُ إِلَيها مِن شَبابي بِرَيِّقِ |
وَأَشنَبَ مَعسولِ الثَنِيّاتِ واضِحٍ – سَتَرتُ فَمي عَنهُ فَقَبَّلَ مَفرِقي |
وَأَجيادِ غِزلانٍ كَجيدِكِ زُرنَني – فَلَم أَتَبَيَّن عاطِلًا مِن مُطَوَّقِ |
وَما كُلُّ مَن يَهوى يَعِفُّ إِذا خَلا – عَفافي وَيُرضي الحِبَّ وَالخَيلُ تَلتَقي |
سَقى اللَهُ أَيّامَ الصِبا ما يَسُرُّها – وَيَفعَلُ فِعلَ البابِلِيِّ المُعَتَّقِ |
إِذا ما لَبِستَ الدَهرَ مُستَمتِعًا بِهِ – تَخَرَّقتَ وَالمَلبوسُ لَم يَتَخَرَّقِ |
وَلَم أَرَ كَالأَلحاظِ يَومَ رَحيلِهِمْ – بَعَثنَ بِكُلِّ القَتلِ مِن كُلِّ مُشفِقِ |
أَدَرنَ عُيونًا حائِراتٍ كَأَنَّها – مُرَكَّبَةٌ أَحداقُها فَوقَ زِئبَقٍ |
عَشِيَّةَ يَعدونا عَنِ النَظَرِ البُكا – وَعَن لَذَّةِ التَوديعِ خَوفُ التَفَرُّقِ |
نُوَدِّعُهُمْ وَالبَينُ فينا كَأَنَّهُ – قَنا ابنِ أَبي الهَيجاءِ في قَلبِ فَيلَقِ |
قَواضٍ مَواضٍ نَسجُ داوُدَ عِندَها – إِذا وَقَعَت فيهِ كَنَسجِ الخَدَرنَقِ |
هَوادٍ لِأَملاكِ الجُيوشِ كَأَنَّها – تَخَيَّرُ أَرواحَ الكُماةِ وَتَنتَقي |
تَقُدُّ عَلَيهِمْ كُلَّ دِرعٍ وَجَوشَنٍ – وَتَفري إِلَيهِمْ كُلَّ سورٍ وَخَندَقِ |
يُغيرُ بِها بَينَ اللُقانِ وَواسِطٍ – وَيُركِزُها بَينَ الفُراتِ وَجِلِّقِ |
وَيُرجِعُها حُمرًا كَأَنَّ صَحيحَها – يُبَكّي دَمًا مِن رَحمَةِ المُتَدَقِّقِ |
فَلا تُبلِغاهُ ما أَقولُ فَإِنَّهُ – شُجاعٌ مَتى يُذكَر لَهُ الطَعنُ يَشتَقِ |
ضَروبٌ بِأَطرافِ السُيوفِ بَنانُهُ – لَعوبٌ بِأَطرافِ الكَلامِ المُشَقَّقِ |
كَسائِلِهِ مَن يَسأَلُ الغَيثَ قَطرَةً – كَعاذِلِهِ مَن قالَ لِلفَلَكِ ارفُقِ |
لَقَد جُدتَ حَتّى جُدتَ في كُلِّ مِلَّةٍ – وَحَتّى أَتاكَ الحَمدُ مِن كُلِّ مَنطِقِ |
رَأى مَلِكُ الرومِ ارتِياحَكَ لِلنَدى – فَقامَ مَقامَ المُجتَدي المُتَمَلِّقِ |
وَخَلّى الرِماحَ السَمهَرِيَّةَ صاغِرًا – لِأَدرَبَ مِنهُ بِالطِعانِ وَأَحذَقِ |
وَكاتَبَ مِن أَرضٍ بَعيدٍ مَرامُها – قَريبٍ عَلى خَيلٍ حَوالَيكَ سُبَّقِ |
وَقَد سارَ في مَسراكَ مِنها رَسولُهُ – فَما سارَ إِلّا فَوقَ هامٍ مُفَلَّقِ |
فَلَمّا دَنا أَخفى عَلَيهِ مَكانَهُ – شُعاعُ الحَديدِ البارِقِ المُتَأَلِّقِ |
وَأَقبَلَ يَمشي في البِساطِ فَما دَرى – إِلى البَحرِ يَمشي أَم إِلى البَدرِ يَرتَقي |
وَلَم يَثنِكَ الأَعداءُ عَن مُهَجاتِهِمْ – بِمِثلِ خُضوعٍ في كَلامٍ مُنَمَّقِ |
وَكُنتَ إِذا كاتَبتَهُ قَبلَ هَذِهِ – كَتَبتَ إِلَيهِ في قَذالِ الدُمُستُقِ |
فَإِن تُعطِهِ مِنكَ الأَمانَ فَسائِلٌ – وَإِن تُعطِهِ حَدَّ الحُسامِ فَأَخلِقِ |
وَهَل تَرَكَ البيضُ الصَوارِمُ مِنهُمُ – أَسيرًا لِفادٍ أَو رَقيقًا لِمُعتِقِ |
لَقَد وَرَدوا وِردَ القَطا شَفَراتِها – وَمَرّوا عَلَيها زَردَقًا بَعدَ زَردَقِ |
بَلَغتُ بِسَيفِ الدَولَةِ النورِ رُتبَةً – أَثَرتُ بِها ما بَينَ غَربٍ وَمَشرِقِ |
إِذا شاءَ أَن يَلهو بِلِحيَةِ أَحمَقٍ – أَراهُ غُباري ثُمَّ قالَ لَهُ الحَقِ |
وَما كَمَدُ الحُسّادِ شَيئًا قَصَدتُهُ – وَلَكِنَّهُ مَن يَزحَمِ البَحرَ يَغرَقِ |
وَيَمتَحِنُ الناسَ الأَميرُ بِرَأيِهِ – وَيُغضي عَلى عِلمٍ بِكُلِّ مُمَخرِقِ |
وَإِطراقُ طَرفِ العَينِ لَيسَ بِنافِعٍ – إِذا كانَ طَرفُ القَلبِ لَيسَ بِمُطرِقِ |
فَيا أَيُّها المَطلوبُ جاوِرهُ تَمتَنِعْ – وَيا أَيُّها المَحرومُ يَمِّمهُ تُرزَقِ |
وَيا أَجبَنَ الفُرسانِ صاحِبهُ تَجتَرِئْ – وَيا أَشجَعَ الشُجعانِ فارِقهُ تَفرَقِ |
إِذا سَعَتِ الأَعداءُ في كَيدِ مَجدِهِ – سَعى جَدُّهُ في كَيدِهِم سَعيَ مُحنَقِ |
وَما يَنصُرُ الفَضلُ المُبينُ عَلى العِدا – إِذا لَم يَكُن فَضلَ السَعيدِ المُوَفَّقِ |